ومن العجائب تكذيب معاوية بعض الأصحاب في خبر رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد أخرج مسلم والنسائي والطحاوي وابن الأثير وغيرهم عن عبادة بن الصامت أنه قال: " إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى، فرد الناس ما أخذوا.
فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا فقال: [ألا] ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث؟ قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة، ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية - أو قال وإن رغم - ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء " (1).
* وأخرج أحمد في مسند معاوية والبخاري في " كتاب الأحكام " و " كتاب المناقب " عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية - وهو عنده في وفد من قريش - أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان - فغضب معاوية فقام فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن هذا في قريش لا ينازعهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين ".
14 - الذين جاؤوا بالإفك قال الله تعالى: * [إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي