يرون لهم على الناس بنبوته فضلا، ويرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش ودون غيرهم من الناس، وهم إن ولوه، لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا. ومتى كان في غيرهم، تداولته قريش بينها، لا والله، لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا (1). وفعلا لم تصل السلطة إلى علي (عليه السلام) إلا بعد ثورة عارمة أشترك فيها ثوار العراق ومصر.
ولما دعا عمار بن ياسر إلى بيعة الإمام علي (عليه السلام) قال له هاشم بن الوليد بن المغيرة: يا ابن سمية لقد عدوت طورك، وما عرفت قدرك، ما أنت وما رأت قريش لا نفسها، إنك لست في شئ من أمرها، وإمارتها فتنح عنها.
وتكلمت قريش بأجمعها، فصاحوا بعمار وانتهروه، فقال الحمد لله رب العالمين، ما زال أعوان الحق أذلاء (2). فقريش توجهت بعد مقتل عمر لمبايعة عثمان الأموي، وعلى رأس المؤيدين له الطلقاء وأبناؤهم. وهؤلاء يصرون على مبايعة رجال قريش من غير بني هاشم، بينما بقي المخلصون من أمثال عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وسلمان وأبي ذر، بجانب علي (عليه السلام). وكانت القبلية حاكمة على قلوب الكثير من سكان مكة وجزيرة العرب، إذ ذكر المغيرة بن شعبة:
إني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة إذ لقينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي جهل: يا أبا الحكم هلم إلى الله وإلى رسوله، إني أدعوك إلى الله، فقال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن تشهد أن قد بلغت، فنحن نشهد أن قد بلغت، فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حقا ما تبعتك. فانصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأقبل علي فقال: والله إني لأعلم أن ما يقول حق ولكن بني قصي قالوا: فينا