وعن يحيى بن أبي كثير، أنه لما كان يوم بدر، أسر المسلمون من المشركين سبعين رجلا، فكان ممن أسر العباس عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فولي وثاقة عمر بن الخطاب، فقال العباس: أما والله يا عمر، ما يحملك على شد وثاقي، إلا لطمي إياك في رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع أنين العباس، فلا يأتيه النوم.
فقالوا: يا رسول الله ما يمنعك من النوم؟ فقال رسول الله: وكيف أنام، وأنا أسمع أنين عمي، فأطلقه الأنصار (1).
فالملاحظ هنا، أن عمر بن الخطاب، بالرغم من قول النبي في بني هاشم، وخدمات العباس للنبي (صلى الله عليه وآله) في مكة، ودفاعه عنه، أقدم على شد وثاق العباس بشكل مؤلم، يختلف عن شد وثاق بقية الأسرى.
ومن العادة الإسلامية احترام الأسير والرفق به، مثلما فعل الإمام علي (عليه السلام) مع قاتله ابن ملجم، فكيف لو كان الأسير العباس بن عبد المطلب المدافع عن النبي (صلى الله عليه وآله)؟! والذي أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيرا.
ولقد أحسن النبي (صلى الله عليه وآله) السيرة مع أسرى قريش، وشرح لهم الإسلام، فأسلم بعضهم، مثلما قال القرآن: {ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} والسؤال المفروض هو: لماذا حرص عمر على قتل العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله) وشد وثاقه بقوة، أليس المفروض بعمر أن يحب كل شخص خدم الإسلام ويخدمه، وكل فرد يحبه النبي (صلى الله عليه وآله) ومن أرحامه؟ والقرآن يقول: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} (2).
والظاهر أن علاقة عمر مع العباس في مكة وفي المدينة وفي حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعد حياته (صلى الله عليه وآله) بقيت غير جيدة.