الداهية ابن شعبة. وهي عملية مساومة، بيعة مقابل مشاركة في السلطة؟
وقد أرسل أبو بكر، كلا من عمر وابن الجراح والمغيرة بن شعبة إلى العباس ابن عبد المطلب، فعرضوا عليه فكرتهم في عرض مشاركة في السلطة مقابل بيعة " إذ قال هؤلاء للعباس: نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا، ويكون لمن بعدك من عقبك، فقال العباس: إن الله بعث محمدا كما وصفت نبيا، وللمؤمنين وليا، فمن على أمته به عليه حتى قبضه الله إليه، واختار له ما عنده، فخلى على المسلمين أمورهم، ليختاروا لأنفسهم، مصيبين الحق، لا مائلين بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله أخذت، فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين أخذت فنحن منهم فما تقدمنا في أمرك فرطا ولا حللنا وسطا، ولا برحنا سخطا، إن كان هذا الأمر، إنما وجب لك بالمؤمنين، فما وجب، إذ كنا كارهين، ما أبعد قولك، من أنهم طعنوا عليك من قولك: إنهم اختاروك ومالوا إليك، وما أبعد تسميتك خليفة رسول الله، من قولك خلى على الناس أمورهم ليختاروا، فاختاروك، فأما ما قلت: إنك تجعله لي، فإن كان حقا للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض، وعلى رسلك فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها " (1). وبعد فشل الدولة في كسب العباس بن عبد المطلب إلى جانبها، قررت عدم تولية أي هاشمي في السلطة، ولو كان من ولد العباس. وفعلا لم نلحظ تولية والي هاشمي في الأمصار الإسلامية في زمن أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وملوك بني أمية؟! بينما أرسل عمر إلى الولايات الإسلامية ولاة مختلفون من أمثال أبي هريرة والمغيرة بن شعبة وقنفذ والوليد وعتبة وغيرهم.
وكانت العلاقة بين عمر والعباس قد ساءت في بداية نزول الوحي على النبي (صلى الله عليه وآله). إذ كان العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله) وصديقه الملازم له والمدافع عنه، وهو الذي