(فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب). (1) نفهم من هذه الآية أن أصحاب الفكر الذين نعموا بهدى الله ووصايا القرآن والإسلام هم أولئك الذين يستمعون القول، أيا كان قائله، وبعد تحليله والتحقيق فيه، يتبعون أحسنه وأسده وأفضله.
وبإلهام من هذه الآية الكريمة جاء صراحة فيما رواه كنز العمال عن النبي (صلى الله عليه وآله) وروي في غرر الحكم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن:
لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال. (2) ويروى عن نبي الله عيسى (عليه السلام) أنه قال:
خذوا الحق من أهل الباطل، ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق، كونوا نقاد الكلام. (3) وهذا إن دل فإنما يدل على أنه لا يجوز للمسلم أن يدفعه التعصب لرفض سماع القول الحق من الآخرين، وذلك لمجرد كونهم ليسوا مسلمين، وأن عقائدهم باطلة فاسدة، أو لقبول الباطل ممن يشاركونه العقيدة، فواجب المسلم هو نقد القول الصادر عن أي قائل كان، بعد دراسته دراسة دقيقة ضافية، بغض النظر عن موقفه العام بالنسبة للحق والباطل، فإن كان قوله حقا وجب عليه قبوله ولو كان القائل من أهل الباطل، وإن كان باطلا وجب عليه رفضه وإن كان قائله من أهل الحق، ومهما يكن فإن المقياس هو الحق وليس القائل. وما الإسلام إلا