الريح، ونكد (1) المعاش، فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر ووبر (2)، أذل الأمم دارا، وأجدبهم قرارا، لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها، ولا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها، فالأحوال مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة، في بلاء أزل وأطباق جهل! من بنات موؤودة، وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة.
فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا - فعقد بملته طاعتهم، وجمع على دعوته ألفتهم - كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسالت لهم جداول نعيمها، والتفت الملة بهم في عوائد بركتها، فأصبحوا في نعمتها غرقين، وفي خضرة عيشها فكهين.
قد تربعت الأمور بهم في ظل سلطان قاهر، وآوتهم الحال إلى كنف عز غالب، وتعطفت الأمور عليهم في ذرى (3) ملك ثابت. فهم حكام على العالمين، وملوك في أطراف الأرضين. يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم، ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم! لا تغمز (4) لهم قناة (5)، ولا تقرع لهم صفاة (6) ألا وإنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم، بأحكام الجاهلية. (7) 1184. فاطمة (عليها السلام) - في خطابها للمسلمين بعد أبيها -: كنتم على شفا حفرة من