وقوتها وعمارتها - التي لا ينتفع شئ إلا به - العقل الذي جعله الله زينة لخلقه ونورا لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم وأنهم مخلوقون، وأنه المدبر لهم وأنهم المدبرون، وأنه الباقي وهم الفانون، واستدلوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه؛ من سمائه وأرضه، وشمسه وقمره، وليله ونهاره، وبأن له ولهم خالقا ومدبرا لم يزل ولا يزول، وعرفوا به الحسن من القبيح، وأن الظلمة في الجهل، وأن النور في العلم، فهذا ما دلهم عليه العقل.
قيل له: فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟
قال: إن العاقل لدلالة عقله الذي جعله الله قوامه وزينته وهدايته علم أن الله هو الحق، وأنه هو ربه، وعلم أن لخالقه محبة، وأن له كراهية، وأن له طاعة، وأن له معصية، فلم يجد عقله يدله على ذلك، وعلم أنه لا يوصل إليه إلا بالعلم وطلبه، وأنه لا ينتفع بعقله إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب العلم والأدب الذي لا قوام له إلا به. (1) 333. الإمام الكاظم (عليه السلام) - في وصيته لهشام -: يا هشام، إن ضوء الجسد في عينه، فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله. وإن ضوء الروح العقل، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه، وإذا كان عالما بربه أبصر دينه. وإن كان جاهلا بربه لم يقم له دين. وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة؛ ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل. (2) 334. الإمام الرضا (عليه السلام): بالعقول يعتقد التصديق بالله. (3)