لان الموجود حاليا هو الشخص المذنب سابقا.
ومنه يتضح ان تشخص الإنسان في نظر العقلاء يكون بنفسه المعينة المتشخصة وبدن ما بنحو الابهام، وان النفس الموجودة مع بدنها المثالي هي التي كانت مع بدنها المادي الدنيوي، بحيث ان الذي عرفه مع بدنه المادي في عالم الدنيا، ويراه في الآخرة مع بدنه المثالي، يقول: إنه الشخص الذي عرفته في الدنيا.
فإذا كان المراد من المعاد الجسماني هو المعاد بالبدن المثالي الأخروي - كما ذهب اليه صدر المتألهين - سترتفع جميع الإشكالات الآتي ذكرها حول المعاد الجسماني، ويمكن تأييد هذا الرأي بقوله تعالى: (أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم)، (1) وقوله تعالى: (وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون). (2) هذا رأى صدر المتألهين (رحمه الله)، لكن المحدثين والمتكلمين يخالفونه فيرون ان المراد من المعاد الجسماني، هو تعلق الروح والنفس في الآخرة بهذا البدن المادي الدنيوي والعنصري، بمعنى ان أجزاء البدن المتلاشية تجتمع بقدرة الله وتتعلق بها الروح، - ولعل مرادهم أجزاء البدن الأخير الذي فارقته الحياة، إذ قد عرفت أن للانسان في طول حياته أبدانا كثيرة مترتبة - وهو ما يدعمه ظاهر كثير من الآيات والروايات.