وطهرهم تطهيرا "، قال: ثم وثبت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) حتى دخلت إلى مخدع لها فصفت قدميها فصلت ركعتين، ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء وقالت: " إلهي وسيدي هذا محمد نبيك، وهذا علي ابن عم نبيك، وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك، إلهي، أنزل علينا مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل أكلوا منها وكفروا بها، اللهم أنزلها علينا فإنا بها مؤمنون ".
قال ابن عباس: والله ما استتمت الدعوة فإذا هي بصحفة من ورائها يفور قتارها (1)، وإذا قتارها أزكى من المسك الأذفر، فاحتضنتها ثم أتت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين، فلما أن نظر إليها علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال لها: " يا فاطمة، من أين لك هذا؟ " ولم يكن عهد عندها شيئا، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): " كل يا أبا الحسن ولا تسأل، الحمد لله الذي لم يمتني حتى رزقني ولدا، مثلها مثل مريم بنت عمران * (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) * ".
قال: فأكل النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين، وخرج النبي (صلى الله عليه وآله)، وتزود الأعرابي واستوى على راحلته وأتى بني سليم وهم يومئذ أربعة آلاف رجل، فلما أن وقف في وسطهم ناداهم بعلو صوته: قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله.
قال: فلما سمعوا منه هذه المقالة أسرعوا إلى سيوفهم فجردوها، ثم قالوا له:
لقد صبوت إلى دين محمد الساحر الكذاب، فقال لهم: ما هو بساحر ولا كذاب، ثم قال: يا معشر بني سليم، إن إله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خير إله، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله) خير نبي، أتيته جائعا فأطعمني، وعاريا فكساني، وراجلا فحملني، ثم شرح لهم قصة الضب