" من الذي يكفي مؤونة هذا الرجل فيبوأه الله في الفردوس الأعلى " فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذ بيد السائل وأتى به إلى حجرة فاطمة (عليها السلام)، فقال: " يا بنت رسول الله انظري في أمر هذا الضيف " فقالت فاطمة (عليها السلام): " يا بن العم، لم يكن في البيت إلا قليل من البر صنعت منه طعاما، والأطفال محتاجون إليه وأنت صائم والطعام قليل لا يغني غير واحد "، فقال: " احضريه " فذهبت وأتت بالطعام ووضعته فنظر إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فرآه قليلا، فقال في نفسه: " لا ينبغي أن آكل من هذا الطعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف "، فمد يده إلى السراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيدة النساء (عليها السلام): " تعللي في إيقاده حتى يحسن الضيف أكله ثم ايتيني به "، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحرك فمه المبارك يري الضيف أنه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضيف من أكله وشبع، وأتت خير النساء (عليها السلام) بالسراج ووضعته وكان الطعام بحاله، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لضيفه: " لم ما أكلت الطعام "؟
فقال: يا أبا الحسن أكلت الطعام وشبعت، ولكن الله تعالى بارك فيه، ثم أكل من الطعام أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيدة النساء والحسنان (عليهم السلام) وأعطوا منه جيرانهم، وذلك مما بارك الله تعالى فيه، فلما أصبح أمير المؤمنين (عليه السلام) أتى إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي كيف كنت مع الضيف؟ " فقال: " بحمد الله يا رسول الله بخير " فقال: " إن الله تعالى تعجب مما فعلت البارحة من إطفاء السراج، والامتناع من الأكل للضيف "، فقال: " من أخبرك بهذا؟ " فقال: " جبرئيل وأتى بهذه الآية في شأنك * (ويؤثرون على أنفسهم...) * الآية ".
إيثار الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام):
1 - نزهة المجالس (وهو من كتب أهل السنة): ج 2 ص 226 ط القاهرة قال:
ذكر ابن الجوزي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) صنع لها قميصا جديدا ليلة عرسها وزفافها، وكان لها قميص مرقوع، وإذا بسائل على الباب، يقول: أطلب من بيت النبوة