المؤمنين (عليه السلام) دخل مكة في بعض حوائجه، فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: يا صاحب البيت، البيت بيتك، والضيف ضيفك، ولكل ضيف عن ضيفه قرى (1)، فاجعل قراي منك الليلة المغفرة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: " أما تسمعون كلام الأعرابي؟ " قالوا: نعم، فقال: " الله أكرم من أن يرد ضيفه "، قال: فلما كان الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول: يا عزيزا في عزك، فلا أعز منك في عزك، أعزني بعز عزك في عز لا يعلم أحد كيف هو، أتوجه إليك وأتوسل إليك بحق محمد وآل محمد عليك، أعطني ما لا يعطيني أحد غيرك، واصرف عني ما لا يصرفه أحد غيرك، قال: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: " هذا والله الاسم الأكبر بالسريانية، أخبرني به حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، سأله الجنة فأعطاه، وسأله صرف النار وقد صرفها عنه "، قال: فلما كان الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول: يا من لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، بلا كيفية كان، أرزق الأعرابي أربعة آلاف درهم، قال: فتقدم إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: " يا أعرابي، سألت ربك القرى فقراك، وسألته الجنة فأعطاك، وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك، وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم "، قال الأعرابي: من أنت؟
قال: " أنا علي بن أبي طالب "، قال الأعرابي: أنت والله بغيتي، وبك أنزلت حاجتي، قال: " سل يا أعرابي " قال: أريد ألف درهم للصداق، وألف درهم أقضي به ديني، وألف درهم أشتري به دارا، وألف درهم أتعيش منه، قال: " أنصفت يا أعرابي، فإذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) "، فأقام الأعرابي بمكة أسبوعا وخرج في طلب أمير المؤمنين إلى مدينة الرسول، ونادى:
من يدلني على دار أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقال الحسين بن علي من بين الصبيان: " أنا أدلك على دار أمير المؤمنين، وأنا ابنه الحسين بن علي "، فقال