على قوم بنوا دينهم على هذه الكلمات التي لم يسبق مثلها على لسان أحد ممن يؤمن بالله واليوم الآخر فخالف الأنبياء، والمرسلين وتجاوز إلى مقام رب العالمين فجعله موطأ للذل والهوان، وضحكة تهزأ به أوباش اليهود في كل زمان ومكان، ومن الغريب ما نقله الخوري في تحفة الحيل عند ذكره سبب تأليف هذا الإنجيل وهو أن يوحنا لما أمر المؤمنين بالصوم أخذ تلميذه بروكلوس وصعد به جبلا عاليا، وأقام عليه صائما مصليا كموسى فخطف عن حسه وعرضت بروق، ورعود، وصواعق، كما عرض لموسى عند قبول الشريعة ثم استحالت تلك الرعود إلى أصوات مفهومة تقول في البدء كان الكلمة... الخ، وشرع يوحنا حينئذ بنص إنجيله وبركلوس تلميذه يكتبه، وأن الرجل لما رأى تلك البروق والرعود واشتدت الزعازع عليه وهو في قمة الجبل استولى عليه الخوف، والدهش فاختل عقله وتشوش وصار يهذي بما لا يشعر، ويتكلم بما لا يعلم ويملي على التلميذ المسكين الذي كان أشد خوفا من أستاذه فكتب تلك الكلمات المستحيلة عن تلك الرعود، والبروق المهولة فكانت صاعقة تركت الملة النصرانية على جرف هار فوقعوا في جهنم وبئس القرار.
وبروكلوس المذكور هذا هو الذي كان في مدرسة الإسكندرية تلميذا وصنف هذا الإنجيل بعد موت يوحنا بشهادة علمائهم. فتبين أن المصنف غير يوحنا ويخبر عنه بضمير الغائب وهذا ظاهر لا غبار عليه.