سننظر إلى هذا الأمر بعدة لحاظات حيث نرى في اللحاظ الأول: إن تحليله لموقف النبي يوسف (ع) استصحب فهمه البشري في محاولة تقييم موقف نبي معصوم ربته السماء وتعهده الوحي منذ صغره, وهذا الفهم الذي ابتلي فيه في تقييمه لشخصية الأنبياء والأئمة (ع), لا يمتلك عليه أي دليل علمي يستند إليه وذلك من جهتين:
الأولى: في طريقة التحليل الرامية لفهم شخصية النبي المتداخلة مع الوحي والمحاطة بجو العصمة كما يفهم بعضنا بعضا بطريقة القياس, وهي طريقة سرعان ما ستجعلنا في معزل عن فهم ذواتهم الشريفة، لأننا لا نمتلك الأدوات الكفيلة لفهمهم وبالتالي ففاقد الشئ لا يعطيه, فلا نحن من أهل العصمة حتى نستقصي فهم المعصوم, ولا هم (عليهم السلام) من أهل الذنوب كي نقيسهم على أنفسنا. هذا على الرغم من التأكيدات العلمية المعاصرة بأن فردانية كل نفس إنسانية لها خصوصية لا يمكن تطابقها مع فردانية أي نفس أخرى, ولهذا فإن عملية القياس هذه لو تمت ما بين نفسين متساويتين - على طريقة فرض المحال ليس بمحال - فإنها تبقى في أحسن الأحوال عملية ظنية لا يمكن معها الخروج بعلم يحتج به! فما بالك في عملية قياس نفس لو تمت فإنها على أحسن الأحوال والظنون لتمت من قبل نفس لا يدعي نفس صاحبها لها العصمة, كي تفهم نفس رفلت منذ نعومة أظفارها بعناية السماء ورعاية الأنبياء بكل ما يمكن لهذه الكلمة أن تؤدي إلى نزاهتها وعصمتها وطهارتها, خصوصا وأن عملية المقايسة المطلوبة لو تنزلنا وقلنا بإمكان تحققها فإنها تستدعي أن تكون جميع عناصر الشخصية التي نريد مقايستها ومكوناتها وصفاتها متوفرة تحت أيدينا, فما بالك بمقايسة أغفلت أبسط القرائن المقامية والكلامية التي أشير إليها في القرآن الكريم كما سيتضح فيما بعد عند تناولنا لهذا الموضوع.!
والثانية: إن هذه الطريقة تغفل الجانب التوثيقي في بحث مسألة تاريخية, خصوصا وأنه يتحدث عن هواجس قلب, وهذا الحديث طبيعته مادة ظنية ما لم تكن هناك وثيقة تاريخية تحول هذا الظن إلى يقين.
وفي كل هذه الحالات نجده لا يمتلك أي دليل علمي يمكن له أن يدعم نظريته في اتهام النبي يوسف (ع) اللهم إلا بضع ظنون تم استحصالها من طريقة مقايسة نظرته لذاته