ولا بد لنا من التساؤل عن المغزى الروحي الكامن - على فرض صحة فرضية هذا الرجل المولع بالولوج إلى دواخل الأنبياء رجما منه بالغيب - في فضح الله سبحانه وتعالى لكوامن ذاتية في داخل نفسية نبيه وهي لم تتحقق بالفعل في الواقع الخارجي وإنما ظلت مجرد نزوة نفسية عابرة كما يصفها هذا الرجل؟ فإذا كان التأديب الإلهي للمسلمين بأن يستتروا في حال ارتكاب المعاصي فهل يؤدبنا بشئ ليفعل نقيضه عن شئ لم يصل إلى حد الذنب بزعم هذا الرجل؟!
وأي كان الحال فجميع القرائن الحالية والمقامية والمعطيات المقدمة بين يدي النص القرآني لا تشير ولا بأي حال من الأحوال إلى ما تخرص به هذا الرجل عن مقام النبي يوسف (ع) علما أن هذا الرجل هو نفسه الذي يقذع بالوصف على الكثير من مفسرينا لا سيما العلامة الطباطبائي (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) بدعوى أن هؤلاء المفسرون لا يلتزمون بالظاهر القرآني فهذا هو ظاهر القرآن فما لك لا تعمل به طالما أنك حريص على المدرسة الظاهرية المجانبة لمدرسة أهل البيت (ع).
هذا من جهة ومن جهة ثانية ألا تتصور أن مقتضى البلاغة القرآنية تستدعي وبدعواك أنت أن يستوفي النص القرآني المفاد الإلهي، فما السبيل إلى تفسير هذا النص بدعوى هم الزنا والانجذاب الغرائزي في الوقت الذي يحرص القرآن على تصوير النبي يوسف بما رأينا من أوصاف التنزيه والكمال؟ أأغلقت البلاغة القرآنية أبوابها بحيث لم تستطيع التوفيق بين الوصف الإلهي لمقام النبي يوسف (ع) وبين النزعات الذاتية له أو بما يحلو لهذا الرجل أن يعبر دائما عن نقاط الضعف الإنساني في شخصية الأنبياء (ع)؟! وهل انحصرت المفردات التعبيرية لمفردة الهم بحيث لم يبق إلا هم الانجذاب الغرائزي؟!
ورغم إننا نقول بأن هذا الرجل يدعي التشيع زورا، ولكن لو تنزلنا إلى التسليم بصحة التزامه بالتشيع - وهو غير صحيح ولكن على طريقة: ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم - فأين حديثك من حديث أهل البيت (ع)؟ وأنت تعلم أن هذا الحديث المفترى على الأنبياء - وكم لك مثله مع بقية الأنبياء (ع) - لا سبيل لوجود شئ منه في مدرسة أهل البيت (ع), فما هي إلا أفكار من بنات كعب الأحبار وأبي هريرة ووهب بن منبه