ومن غريب الأمور دعوى بعض المتأخرين أن نكاح المتعة منسوخ بقوله تعالى: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " بزعم أن المتمتع بها ليست زوجة ولا ملك يمين (قالوا): أما كونها ليست بملك يمين فمسلم، وأما كونها ليست بزوجة فلأنها لا نفقة لها ولا إرث ولا ليلة.
والجواب: أنها زوجة شرعية بعقد نكاح شرعي كما سمعت، وعدم النفقة والإرث والليلة إنما هو لأدلة خاصة خصصت العمومات الواردة في أحكام الزوجات كما بيناه سابقا.
على أن هذه الآية مكية نزلت قبل الهجرة بالاتفاق، فلا يمكن أن تكون ناسخة لإباحة المتعة المشروعة في المدينة بعد الهجرة بالاجماع.
ومن عجيب أمر هؤلاء المتكلفين أن يقولوا بأن آية " المؤمنون " ناسخة لمتعة النساء إذ ليست بزوجة ولا ملك يمين، فإذا قلنا لهم: ولم لا تكون ناسخة لنكاح الإماء المملوكات لغير الناكح وهن لسن بزوجات للناكح ولا بملك له، قالوا حينئذ: إن سورة " المؤمنون " مكية، ونكاح الإماء المذكورات إنما شرع بقوله تعالى - في سورة النساء وهي مدنية -: " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " والمكي لا يكون ناسخا للمدني، لوجوب تقدم المنسوخ على الناسخ، يقولون هذا القول وينسون أن المتعة إنما شرعت في المدينة وأن آيتها في سورة النساء أيضا، وقد منينا بقوم لا يتدبرون فإنا لله وإنا إليه راجعون.