وعنوا بالمصلحي ما يرجع إلى الأمور المحسوسة وبالعبادي ما يرجع إلى زكاة النفس. فأقول: نحن نؤمن بأن الشارع المقدس لاحظ عباده في كل ما كلفهم به من أحكامه الشرعية، فلم يأمرهم إلا بما فيه مصلحتهم، ولم ينههم إلا عما فيه مفسدة لهم، لكنه مع ذلك لم يجعل شيئا من مدارك تلك الأحكام منوطا من حيث المصالح والمفاسد بآراء العباد، بل تعبدهم بأدلة قوية عينها لهم، فلم يجعل لهم مندوحة عنها إلى ما سواها. وأول تلك الأدلة الحكيمة كتاب الله عز وجل وقد حكم بمسح الرؤوس والأرجل في الوضوء، فلا مندوحة عن البخوع لحكمه، أما نقاء الأرجل من الدنس فلا بد من إحرازه قبل المسح عليها عملا بأدلة خاصة دلت على اشتراط الطهارة في أعضاء الوضوء قبل الشروع فيه (1)، ولعل غسل رسول الله صلى الله عليه وآله رجليه - المدعى في أخبار الغسل - إنما كان من هذا الباب، ولعله كان من باب التبرد، أو كان من باب المبالغة في النظافة بعد الفراغ من الوضوء والله تعالى أعلم.
[تنبيه] أخرج ابن ماجة فيما جاء في غسل القدمين من سننه من طريق أبي إسحاق عن أبي حية. قال: رأيت عليا توضأ فغسل قدميه إلى الكعبين ثم قال: أردت أن أريكم طهور نبيكم صلى الله عليه وآله.
قال السندي - حيث انتهى إلى هذا الحديث في تعليقته على السنن -