[5 - النية:] أجمع الإمامية - تبعا لأئمة الثقلين - على اشتراط النية في صحة الوضوء والغسل لكونهما من العبادات التي أمر الله بها " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وداود وأبي ثور وكثير من أئمة الجمهور.
وقال الحنفية: أن وجوب الوضوء والغسل بالماء المطلق ليس إلا توصليا إلى الطهارة التي تحصل بمجرد سيلانه على الأعضاء سواء أكان ذلك عن نية أم لم يكن عن نية بل ولا عن اختيار نظير غسل الثوب المتنجس لأن الماء مطهر بطبعه، وقالوا إذا سقط شخص بالماء بدون اختيار أو دخل الماء عابثا أو بقصد التبرد أو النظافة أو كان حاكيا لفعل غيره أو مرائيا فشمل الماء أعضاء وضوئه صح له أن يصلي بهذا الوضوء حتى لو كان عند دخول الماء كافرا فأسلم عند خروجه إذ لم يشترطوا الإسلام في صحة الوضوء.
نعم اشترطوا النية في صحة التيمم لأن الصعيد غير مطهر بطبعه وإنما طهوريته تعبدية فلا بد في التيمم به من نية، وكذا الوضوء والغسل بنبيذ التمر أو سؤر الحمار أو البغل لأن طهورية هذا النبيذ والسؤرين تعبدية كالصعيد.
وبالجملة فقد فصلوا في الوضوء والغسل بين ما كان منهما بنبيذ تمر أو سؤر الحمار أو البغل وبين ما كان بغير ذلك من المياه المطلقة فاعتبروا الأول عبادة غير معقولة المعنى فأوجبوا لها النية كالتيمم واعتبروا الثاني من الواجبات التوصيلية إلى النظافة المحسوسة كالطهارة من النجاسة.
وما أدري من أين علموا أن غرض الشارع من الوضوء والغسل ليس إلا الطهارة المحسوسة التي يوجدها سيلان الماء بمجرد طبعه؟! وقد علم كل مسلم ومسلمة أن الوضوء والغسل إنما هما لرفع أثر الحدث استباحة للصلاة