أنه كان في حجة الوداع، وفي بعضها أنه كان في عمرة القضاء وفي بعضها أنه كان عام أوطاس. على أنها تناقض ما ستسمعه من صحاح البخاري ومسلم الدالة على عدم النسخ، وأن التحريم والنهي إنما كانا من الخليفة الثاني ببادرة بدرت على عهده من عمرو بن حريث، وكان الصحابة قبلها يستمتعون على عهد الخليفتين كما كانوا يستمتعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وستسمع كلام عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود وعبد الله ابن عمر وعبد الله بن عباس وأمير المؤمنين فتراه صريحا بأن التحريم لم يكن من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وآله وإنما كان بنهي عمر، ومحال أن يكون هناك ناسخ يجهله هؤلاء وهم من علمت مكانتهم في العلم ومنزلتهم من رسول الله وملازمتهم إياه صلى الله عليه وآله. على أنه لو كان ثمة ناسخ لنبههم إليه بعض الواقفين عليه، وحيث لم يعارضهم أحد فيما كانوا ينسبونه من التحريم إلى عمر نفسه علمنا أنهم أجمع معترفون بذلك مقرون بأن لا ناسخ من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وآله.
على أن الخليفة الثاني نفسه لم يدع النسخ كما ستسمعه من كلامه الصريح في إسناد التحريم والنهي إلى نفسه، ولو كان هناك ناسخ من الله عز وجل أو من رسوله صلى الله عليه وآله لأسند التحريم إلى الله تعالى أو إلى الرسول فإن ذلك أبلغ في الزجر وأولى بالذكر.
وظني أن المتأخرين عن زمن الصحابة وضعوا أحاديث النسخ تصحيحا لرأي الخليفة إذ تأول الأدلة فنهى وحرم متوعدا بالعقوبة، فقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء.