ومن خالف فيه فإنما هو شاذ خارق لإجماع المسلمين لا يعبأ بشذوذه. كمن شذ بقوله لا يجوز الوضوء بماء البحر (1) مثلا.
احتج أبو حنيفة والثوري ومن رأى رأيهما بما روي عن ابن مسعود من طريقين:
أولهما: عن العباس بن الوليد بن صبيح الخلال الدمشقي عن مروان بن محمد الطاطري الدمشقي عن عبد الله بن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنش الصناعي عن عبد الله بن عباس عن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له ليلة الجن: معك ماء؟ قال: لا إلا نبيذ في سطيحة (2) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تمرة طيبة وماء طهور صب علي. قال فصببت عليه فتوضأ به.
أخرج هذا الحديث من هذا الطريق محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في باب الوضوء بالنبيذ من سننه ولم يخرجه من هذا الطريق أحد من أصحاب السنن سواه فيما أعلم لظلمانه المتراكم بعضها على بعض، فإن العباس بن الوليد لم يكن بثقة ولا مأمونا وقد تركه جهابذة الجرح والتعديل حتى سئل عنه أبو داود - كما في ميزان الاعتدال - فقال: كان عالما بالرجال والأخبار لا أحدث عنه. وأنت تعلم أنهم إنما تركوه لوهنه. أما شيخه مروان بن محمد الطاطري فقد كان من ضلال المرجئة. وأورده العقيلي في كتاب الضعفاء. وصرح بضعفه ابن حزم تعلم هذا كله من