إن غريزة حب الذات في الإنسان أقوى الغرائز، ولا يمكن إزالتها بل لا بد من تطويرها ووضع قانون التعويض والجزاء في مستقبل الإنسان في الحياة الثانية، وبدون ذلك لا يمكن تحريكه لعمل الخير، ومنعه من عمل الشر.
قد يقال: إن فطرة الإنسان وعقله تدفعانه إلى الخير، وتمنعانه من الشر.
والجواب: أنه لا يمكن المراهنة على نوازع الخير في الإنسان لأن نوازع الشر تقابلها، وقد تكون متساوية: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها). وما دام الدافع الذاتي لعمل الخير والكف عن الشر غير مضمون، فلا يصح الاكتفاء به، بل لا يؤمن أن يرى الإنسان أن تحقيق ذاته يتوقف على الإضرار بالآخرين.
فلا بد من دافع مضمون يعود عليه بالخير من عمل الخير للآخرين، وكف شره عنهم، وهذا هو قانون الجزاء الإسلامي بالثواب والعقاب.
النقطة الثالثة إن منتقدي الحالة التجارية في عمل الخير، يدعون أنهم يعيشون مشاعر السمو الإنساني، فيقولون إنا إنسانيون نعمل الخير بدافع تحقيق ذاتنا وإنسانيتنا، ولا نريد عليه جزاء ولا شكورا، لا من الناس ولا من الله!
فهل هم كذلك؟ وهل يوجد ضمان لبقاء هذا الدافع الإنساني فيهم في كل الحالات؟ وإن كانوا كذلك، فهل المجتمع الذي يراد دفعه إلى الخير مثلهم؟!
ثم، أليس تحقيق ذاتهم الإنسانية وإرضاءها جزاء معنويا، يشبه الجزاء الديني؟
أما الإسلام فهو عملي واقعي، لا يترك عمل الخير لدوافع مثالية غير مضمونة، بل طوبائية! ولا يتخوف من تعبير التجارة والربح والخسارة، فكل حياة الإنسان وأعماله مبنية على حساب الربح لوجوده والخسارة! لذلك ينادي الله تعالى المؤمنين بالآخرة، ويقول لهم بوضوح وبصراحة: