س وقوله تعالى: قل الله أعبد مخلصا له ديني، والأمر للنبي صلى الله عليه وآله، فيجب علينا ذلك للاتباع والتأسي..). انتهى.
والنتيجة: أن عمل أمير المؤمنين عليه السلام بدافع حب الله تعالى واستحقاقه للعبادة، عمل لله تعالى بدافع فوق خوف العذاب وطمع الثواب، ولا ينفي وجود الخوف والرجاء في نفسه بأعلى درجاتهما، وإن لم يتحرك بهما.
النقطة الثانية ما هو الأمر الذي لا يعجب الغربيين من اشتراط الإسلام في العمل نية التقرب إلى الله تعالى، حتى من لو كان الطمع في جنته، والخوف من عقابه؟
الذي يريدون أن يقولوه: إن الموعودات الإسلامية في القرآن والسنة، تجعل عمل الخير تجاريا، خوفا من السوط والعذاب، أو طمعا في الجنة وقصورها وحورها. بينما العقل يقول: إعمل الخير لأنه خير، لأنه يرضي ذاتك، ويحقق إنسانيتك! فهذا مستوى أعلى من تجارة المتدينين السوقية!
وهذا كلام ظاهره حسن، لكنه في التحليل خاطئ وغير عملي، لأنه يجعل الدافع للعمل تحقيق الذات الدنيوية، والدنيا لا تتسع لتحقيق ذوات الناس ورغباتهم وطموحاتهم، فيقع بينها التعارض والتضارب لا محالة، وكثيرا ما يكون تحقيق الذات بالإضرار بالآخرين والسيطرة عليهم ومنعهم من تحقيق ذواتهم، ويصير تحقيق الذات بالإضرار بالآخرين حالة سائدة! ويكثر في الناس الشر ويقل فيهم الخير، كما هو المشاهد في أكثر المجتمعات.
ولا حل لهذا التضارب إلا بتطوير مفهوم حب الذات، وتوسيع حقل تحقيقها ليشمل الآخرة، وهذا ما يفعله الدين فيجعل عمل الخير والإيثار تحقيقا للذات في الآخرة الخالدة.