الأحافير يا سيدي، هي أشبه بفصول مسرحية متناثرة يتم جمعها، لتؤلف القصة الكاملة أو شبه الكاملة، لمخلوق أرضي.. لا يمكن أن أجد أحفورة، لكائن حي يعيش في زمني، ثم أقارن بين الأصل الحي والصورة المتحجرة، وأسجل الفروق بكل دقة ثم أقول لا يوجد تطور، وليس هناك ارتقاء.
التطور هو بناية كبيرة يا أبا هاجر، فلنقل من ثمانية أدوار، عندما أشاهد الدور الثامن فيها، فليس من المنطقي أبدا أن ألغي الأدوار السبعة التي يقوم عليها، وهي أمامي، بحجة عدم علمي بهندسة البناء.
ثم إنك واجد الكثير من التفاصيل في تلك الكتب، والاختلافات، وفيه قول، وفيه قولان، وكلها تتعلق فقط بآلية التطور، وسياسة النشوء والارتقاء، لا بالنظرية، التي تم الفراغ تماما من حقيقتها.
الفهم والتحليل.. يا أبا هاجر، هو قائد الكشف العلمي، والملاحظة العلمية، وما تبعها من فهم وتحليل، هي السبب في انبثاق نظرية التطور..
الفهم والتحليل الذي يقول لنا بأن نصدق ما نراه لا ما نشعر به، وأن نستدل بتجاربنا لا بما ورثناه، وأن إيماننا الحقيقي هو بتحقيق خلافتنا للأرض، من خلال كشف أسرارها، لا من خلال الوقوف على القبور.
عامل الزمن عامل حتمي في التطور.. والطبيعة خالق عظيم، ولكنها بطيئة متئدة غير عجولة. فالتغير الطفيف في بنية نوعية لكائن حي قد يستهلك حقبة زمنية بأكملها. والفشل موجود في عملية النشوء والارتقاء.. والفشل في مقاييس التطور، هو لتلك الكائنات التي لم تذعن لحكم الطبيعة، ولم تستوعب جيناتها لعبة المناخ، وحافظت على مميزاتها النوعية، رغم تغير الظروف الطبيعية، فخسرت التحدي، فنفقت، واستحق نوعها المتطور عنها، لوحده.. البقاء.