____________________
ومصلحة، ثم ننظر أن المصلحة ترجع إلى الله تعالى، أو إلى خلقه وحيث علمنا أنه تعالى غني بالذات وكامل من جميع الجهات، فالمصلحة والحكمة ترجع إلى الخلق لا محالة، ولا تكون الخلقة بمصلحتهم إلا إذا كانت نشأة أخرى عقيب هذه الدنيا، وإلا لزم عدم كون الخلقة بمصلحتهم، وهو نقض للغرض، والنقض من أقبح الأمور، ووجهه أن المنافع والمصالح الدنيوية منقطعة لا دوام ولا ثبات لها، ووجودها لقلة دوامها كعدمها، ولا يكون إعطاء هذه المنافع والمصالح لايقا بشأن الحكيم على الاطلاق.
هذا مضافا إلى اختلاطها وشوبها بأضعاف مضاعفة من الصعوبات والمشاكل، والمصائب والمحن، والأمراض والفتن، والمنافرات، وحصول هذه المنافع والمصالح لا تكون غرضا من الخلقة، وإلا لزم نقضا للغرض، لأنه خلاف الإحسان، هذا نظير كريم يدعو جمعا كثيرا للضيافة، وغرضه من الدعوة هو الإحسان إليهم لا غير، فيدخلهم في مجلس الضيافة، وحضر لهم أنواع الأطعمة والأشربة، مع إدخال أنواع المؤذيات من السباع والذئاب والكلاب والحيات والعقارب ونحوها مما تمنعهم، قبل الالتذاذ الكامل بالأطعمة والأشربة، ولا يعد ذلك عند العقلاء إلا من أقبح القبائح التي لا تصدر ممن لا يبالي، فضلا عمن يبالي، فضلا عن الحكيم على الإطلاق، هذا بخلاف ما إذا أمر المولى الكريم عباده بالمشقات الجزئية في زمان قليل لينال في النشأة الأخرى النعمة الدائمة، والمناصب الجليلة، والعطايا العظيمة، فإن الخلقة حينئذ تصير مستحسنة وقابلة للمدح والثناء، وهذا برهان قاطع أرشد إليه الحق سبحانه وتعالى في كلامه المجيد بقوله: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " (1).
هذا مضافا إلى اختلاطها وشوبها بأضعاف مضاعفة من الصعوبات والمشاكل، والمصائب والمحن، والأمراض والفتن، والمنافرات، وحصول هذه المنافع والمصالح لا تكون غرضا من الخلقة، وإلا لزم نقضا للغرض، لأنه خلاف الإحسان، هذا نظير كريم يدعو جمعا كثيرا للضيافة، وغرضه من الدعوة هو الإحسان إليهم لا غير، فيدخلهم في مجلس الضيافة، وحضر لهم أنواع الأطعمة والأشربة، مع إدخال أنواع المؤذيات من السباع والذئاب والكلاب والحيات والعقارب ونحوها مما تمنعهم، قبل الالتذاذ الكامل بالأطعمة والأشربة، ولا يعد ذلك عند العقلاء إلا من أقبح القبائح التي لا تصدر ممن لا يبالي، فضلا عمن يبالي، فضلا عن الحكيم على الإطلاق، هذا بخلاف ما إذا أمر المولى الكريم عباده بالمشقات الجزئية في زمان قليل لينال في النشأة الأخرى النعمة الدائمة، والمناصب الجليلة، والعطايا العظيمة، فإن الخلقة حينئذ تصير مستحسنة وقابلة للمدح والثناء، وهذا برهان قاطع أرشد إليه الحق سبحانه وتعالى في كلامه المجيد بقوله: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " (1).