____________________
تعالى لعلوه عن ذلك وهو المقدمة الأولى، ولعل قوله: " لا إله إلا هو رب العرش الكريم " إشارة إلى عدم حاجته إلى خلقة الإنسان ومعاده، لأنه مالك الملك، والذي يكون كذلك، لا حاجة إلى غيره، فنيل الإنسان إلى غايته وعدمه لا يؤثران في مالكيته للملك، وإنما الخلقة ومعادها تنشأ من علوه، وكماله، وغناه، فلا مورد لاستكمال الكامل المطلق بالخلقة والمعاد.
الثالثة: أن المستفاد من دليل الحكمة هو معاد الإنسان كما تشير إليه الآية الكريمة، وأما معاد عالم المادة والحيوانات فقد ذهب بعض أساتيذنا إلى الاستدلال له بدليل الحكمة، ولكنه محل تأمل، لإمكان أن يقال: إن خلقة المادة والحيوانات لانتفاع الإنسان، كما يدل عليه قوله تعالى: " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " (1)، فمع وجوده هذه الغاية في خلقة المادة والحيوانات، وهي استفادة الإنسان منها بحيث يتمكن من الحياة الدنيوية حتى يعيش ويعمل ما يعمل ليست خلقتها عبثا وسفها، ولو لم يكن لها معاد فإثبات المعاد لهما بهذا الدليل محل تأمل، بل منع، نعم لو لم يكن للإنسان معاد فلا يكون خلقة كل ذلك إلا عبثا وسفها وباطلا كما لا يخفى.
وكيف كان فإذا عرفت هذه المقدمات يكون خلقة الإنسان أحسن شاهد على وقوع المعاد، إذ العبث لا يصدر منه تعالى، فإذا كان الإنسان مخلوقا فلا يكون عبثا مع أنه لا يخرج عن العبثية إلا بوقوع المعاد، فحكمته تعالى توجب البعث والمعاد، كما صرح به المحقق الطوسي - قدس سره - في متن تجريد الاعتقاد (2).
وقال العلامة الطباطبائي - قدس سره - في ذيل قوله تعالى: " وما خلقنا
الثالثة: أن المستفاد من دليل الحكمة هو معاد الإنسان كما تشير إليه الآية الكريمة، وأما معاد عالم المادة والحيوانات فقد ذهب بعض أساتيذنا إلى الاستدلال له بدليل الحكمة، ولكنه محل تأمل، لإمكان أن يقال: إن خلقة المادة والحيوانات لانتفاع الإنسان، كما يدل عليه قوله تعالى: " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " (1)، فمع وجوده هذه الغاية في خلقة المادة والحيوانات، وهي استفادة الإنسان منها بحيث يتمكن من الحياة الدنيوية حتى يعيش ويعمل ما يعمل ليست خلقتها عبثا وسفها، ولو لم يكن لها معاد فإثبات المعاد لهما بهذا الدليل محل تأمل، بل منع، نعم لو لم يكن للإنسان معاد فلا يكون خلقة كل ذلك إلا عبثا وسفها وباطلا كما لا يخفى.
وكيف كان فإذا عرفت هذه المقدمات يكون خلقة الإنسان أحسن شاهد على وقوع المعاد، إذ العبث لا يصدر منه تعالى، فإذا كان الإنسان مخلوقا فلا يكون عبثا مع أنه لا يخرج عن العبثية إلا بوقوع المعاد، فحكمته تعالى توجب البعث والمعاد، كما صرح به المحقق الطوسي - قدس سره - في متن تجريد الاعتقاد (2).
وقال العلامة الطباطبائي - قدس سره - في ذيل قوله تعالى: " وما خلقنا