فقال عمر رضي الله عنه: يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله تقول الشعر!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه هذا أشد عليهم من وقع النبل! وروى نحوه الترمذي في سننه ج 4 ص 217، وسير أعلام النبلاء ج 1 ص 235 وعلى هذا الأساس يجب أن نعرف أن إعجاب الخليفة عمر بالثقافة اليهودية لا يتنافى في نظره مع عروبته وقرشيته بل يخدمهما.. وقد كان تقريبه لكعب الأحبار وتميم الداري وغيرهما، مشروطا بأن يحترموا العرب وخاصة قريش.. فإن شعر منهم انتقاصا للعرب أو قريش لم يتردد في اتخاذ الموقف الحاسم منهم.. وقد عنف كعب الأحبار وتميما الداري أكثر من مرة.
إنها نظرة مركبة إلى اليهود من عناصر متعددة في ذهنية الخليفة، وقد نتجت عنها هذه السياسة المركبة مع اليهود، ومع أن فيها مواقف مضادة لهم، لكنها على العموم كانت ترضيهم.
وقد روت المصادر - المحبة للخليفة - مواقفه الدالة على هذه السياسة، وروت أن أن بعض مواقفه جاء على شكل اندفاع خطير منه لإدخال الثقافة اليهودية في الإسلام، فنهاه النبي صلى الله عليه وآله مرات متعددة عن ذلك.. ثم ذات يوم غضب غضبا شديدا ودعا المسلمين إلى اجتماع طارئ ليحذرهم من خطورة ما يريده عمر وأصحابه... إلى آخر ما ذكرناه هناك.
من أفكار كعب الأحبار في الرؤية والتشبيه والتجسيم - وروى الطبري في تفسيره ج 25 ص 6 فقال كعب:.... سألت أين ربنا، وهو على العرش العظيم متكئ واضع إحدى رجليه على الأخرى، ومسافة هذه الأرض التي أنت عليها خمسمائة سنة، ومن الأرض إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة وكثافتها.... ثم قال: إقرؤوا إن شئتم: تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن!