ويوجه المسلمين إلى التفكر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس - نهج البلاغة ج 2 ص 70 165 ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس:
ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات، وساكن وذي حركات، فأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته.
وما ذرأ من مختلف صور الأطيار، التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها، ورواسي أعلامها، من ذات أجنحة مختلفة، وهيئات متباينة، مصرفة في زمان التسخير، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح، والفضاء المنفرج.
كونها بعد أن لم تكن، في عجائب صور ظاهرة، وركبها في حقاق مفاصل محتجبة، ومنع بعضها بعبالة خلقة، أن يسمو في السماء خفوفا، وجعله يدف دفيفا، ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته، ودقيق صنعته، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، ومنها مغموس في لون صبغ قد طوق بخلاف ما صبغ به، ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد، بجناح أشرج قصبه، وذنب أطال مسحبه.
إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه، وسما به مطلا على رأسه، كأنه قلع داري عنجه نوتيه، يختال بألوانه، ويميس بزيفانه، يفضي كإفضاء الديكة، ويؤر بملاقحة أر الفحول المغتلمة للضراب الضراب.
أحيلك من ذلك على معاينة، لا كمن يحيل على ضعيف إسناده، ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه، فتقف في ضفتي جفونه، وأن أنثاه تطعم ذلك، ثم تبيض لا من لقاح فحل، سوى الدمع المنبجس، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب.
تخال قصبه مداري من فضة، وما أنبت عليها من عجيب داراته، وشموسه