ذهني وهو عن وجود عيني، لا لكون خصوصية الصوت معتبرة فيه حتى لو لم يكن صوتا لم يكن نطقا، وإنما هذه بالمواضعة للتسهيل. كما أن كاشفيته عن وجود آخر ذهني بالمواضعة ودلالته بالوضع لا بالطبع، ولو كان بالطبع لأكد نطقيته كما في الوجودات الذهنية بالنسبة إلى الوجودات العينية، ولذا تسمى العقول المدركة للكليات نواطق والنفس ناطقة وقيل شعرا:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا والأشاعرة ذهبوا إلى الكلمات النفسية، ولكن لا وجه للتخصيص، فإذن إن كان بدل الكيفيات المسموعة الموضوعة أشياء أخرى موضوعة، بحيث يكون حضور الأشياء الدالة منشأ لحضور الأشياء المدلولة في الذهن، كان حالها حينئذ حالها.
تفسير عرفاني لعدم إمكان رؤية الله تعالى - شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 210 (يا من لا تدرك الأفهام جلاله، يا من لا تنال الأوهام كنهه) كما قال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم. ولذلك يطلق على الذات باعتبار الحضرة الأحدية غيب الغيوب والغيب المطلق والغيب المكنون والغيب المصون والمنقطع الوحداني ومنقطع الإشارات والتجلي الذاتي والكنز المخفي والعماء، وغير ذلك.
وإنما لا يدرك كنه الذات لما تقرر أنه إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده فإذا كان ظهوره في قصيا مراتب الظهور أنتج غاية الخفاء وانعكس عكس الجلاء.
وأيضا لما كان قهارا للكل فلم يبق أحد في سطوع نوره حتى يراه، بل يتلاشى ويضمحل بتأجج نار محياه.
وأيضا هو تعالى بكل شئ محيط، والمحيط لا يصير محاطا....