بكتاب الله عز وجل. وبإسناده الصحيح عن الربيع بن سليمان قال سألت الشافعي عن الرقية....). انتهى.
يلاحظ على هذه الفتوى المجمع عليها عند إخواننا السنيين، أن الخليفة أبا بكر لم ينه عائشة عن هذا العمل، وإنما طلب من المرأة اليهودية باحترام أن ترقيها ببعض آيات القرآن، باعتبار أن ذلك أفضل من الأدعية التي تقرؤها من عندها، أو أراد منها أن تضم إلى أدعيتها آيات من القرآن ليكون ذلك أرجى لشفائها ابنته.. هذا إذا كان مقصوده بكتاب الله: القرآن، وإلا فيكون قصده: إرقيها بنص من التوراة، لا بدعاء من عندك!
وبذلك يتضح أن الشرط الذي شرطه الشافعي وغيره لما يجب أن يقرأه اليهودي أو النصراني في رقية المسلم لا أساس له في الرواية. وغاية ما يمكن استفادته منها أن الأحسن للمسلم أن يطلب من الكتابي أن يقرأ على مريضه شيئا من القرآن..
خاصة أن الذي يكلف أحدا أن يرقي مريضه لا يملي عليه ماذا يقرأ عليه، لأنه لا يكلفه بالرقية إلا وهو يعتقد بأنه عبد صالح قريب إلى الله تعالى، فهو أعرف بما يقرأ عليه!
كما يلاحظ استغراب السائل لهذه الرواية والفتوى! فأجابه الشافعي بأن الرواية صحيحة ولم يصل إلينا إنكار أحد من الصحابة لعمل عائشة وإقرار أبي بكر.
والقاعدة عند إخواننا أنه إذا فعل الصحابي شيئا فهو جائز وحجة على غيره، إلا إذا عارضه صحابي آخر، ويشترط أن يكون الصحابي المعارض من الصحابة الذين تؤثر معارضتهم عند الإخوة السنيين.. فبعض الصحابة عندهم لا تضر معارضتهم مثل علي المظلوم، وبعضهم تضر!
... إن معرفة هذا الجو في الجزيرة من التأثر العام بثقافة اليهود، تمكننا من تفسير مواقف الخليفة عمر تجاه الثقافة اليهودية.. فقد كان من نشأته في مكة يحترم هذه الثقافة كثيرا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وتدل عدة نصوص على أنه استمر على احترامها حتى وهو إلى جانب النبي صلى الله عليه وآله ثم عندما صار خليفة.