ونتاج للعقول العقيمة، ونحن نقدم على ما نريد ذكره شيئا مما روي عنهم في هذا الباب.
فمن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو يصف الله تعالى:
بمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأمور علم أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، والخشونة بالليل، واليبوسة بالبلل، والصرد بالحرور، مؤلف بين متباعداتها، مفرق بين متدانياتها.
وروي عنه عليه السلام أنه سئل: بم عرفت ربك؟ فقال: بما عرفني به. قيل: وكيف عرفك؟ قال: لا تشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بقياس الناس.
وقيل له عليه السلام: كيف يحاسب الله الخلق؟ قال: كما يرزقهم. فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه؟ فقال: كما يرزقهم ولا يرونه.
وسأله رجل فقال: أين كان ربك قبل أن يخلق السماء والأرض؟ فقال: أين سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان.
الإمام زين العابدين عليه السلام ينظم زبور آل محمد - قال عليه السلام في أدعيته المعروفة بالصحيفة السجادية، الدعاء الأول:
الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا، واخترعهم على مشيته اختراعا، ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته، لا يملكون تأخيرا عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدما إلى ما أخرهم عنه، وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد، ثم ضرب له في الحياة أجلا موقوتا، ونصب له أمدا محدودا، يتخطى إليه بأيام عمره، ويرهقه بأعوام دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره، واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه، ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، عدلا منه تقدست أسماؤه، وتظاهرت آلاؤه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون....