قالوا: فالمقام هنا مقام مقابلة بين وجوه تنتظر الثواب ووجوه تنتظر العقاب، ورؤية الله تعالى غير مرادة هنا وخصوصا أن الكلام يتعلق بالموقف قبل الدخول للجنة والنار، وأنتم - يا جمهور أهل السنة والجماعة - تقولون بأن الرؤية إنما تتم في الجنة لا في أرض المحشر، وهذا الكلام يتعلق في أرض المحشر.
ورد هؤلاء على من قال من أهل السنة بأن لفظ (ناظرة) لا تأتي عربية بمعنى منتظرة، فقالوا: إن ذلك ليس صحيحا، بل قد ورد القرآن الكريم بإثبات أن معنى ناظرة منتظرة! من ذلك قوله تعالى عن بلقيس: وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بهم يرجع المرسلون. النمل: 35، أي منتظرة بم يرجع المرسلون، وهو واضح ظاهر.
كذلك قالوا بأن المراد بقوله تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، أي عن ثواب ربهم وإكرامه وإنعامه، والحجاب أيضا هو عن كلامه لا عن رؤيته، لأن الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين: ولا ليكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم. البقرة: 174 - ثم قال في آخر بحثه ص 590 فتبين من هذا كله أن هذه الآيات لا يصح الاستدلال بها في مسألة إثبات الرؤية، والله تعالى الموفق. انتهى.
ونؤكد هنا على ضرورة ملاحظة قوله تعالى (ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة) الذي يدل على أن هذا المشهد أحد مشاهد المحشر قبل دخول الجنة والنار كما روي عن علي عليه السلام. وهذا قرينة على أن (ناظرة) بمعنى منتظرة. ودليل على أن الذين فسروها بالنظر إلى الله تعالى في الجنة لم يلتفتوا إلى بقية الآيات!
تفسيرهم الذي فيه تجسيم - صحيح البخاري ج 8 ص 178 باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة.... عن جرير قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا.