استأذنه أن لا يلبس السواد فأذن له، فلما خرج قال المنصور للربيع الحاجب: إلحقه فاسأله لم كره لبس السواد، ولا تعلمه أني قلت لك. فسأله الربيع فقال: لأني لم أر محرما أحرم فيه، ولا ميتا كفن فيه، ولا عروسا جليت فيه، فلهذا أكرهه.
وقال في صفحة 269: وفيها بايع المأمون لعلي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، أن يكون ولي العهد من بعده، وسماه الرضا من آل محمد، وطرح لبس السواد وأمر بلبس الخضرة، فلبسها هو وجنده، وكتب بذلك إلى الآفاق والأقاليم، وكانت مبايعته له يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، وذلك أن المأمون رأى أن عليا الرضا خير أهل البيت، وليس في بني العباس مثله في علمه ودينه، فجعله ولي عهده من بعده... فلما كان يوم السبت آخر سنة 204، دخل المأمون بغداد حين ارتفع النهار لأربع عشرة ليلة خلت من صفر، في أبهة عظيمة وجيش عظيم، وعليه وعلى جميع أصحابه وفتيانه الخضرة، فلبس أهل بغداد وجميع بني هاشم الخضرة، ونزل المأمون بالرصافة، ثم تحول إلى قصر على دجلة، وجعل الأمراء ووجوه الدولة يترددون إلى منزله على العادة، وقد تحول لباس البغاددة إلى الخضرة، وجعلوا يحرقون كل ما يجدونه من السواد، فمكثوا كذلك ثمانية أيام.
ثم استعرض حوائج طاهر بن الحسين فكان أول حاجة سألها أن يرجع إلى لباس السواد، فإنه لباس آبائه من دولة ورثة الأنبياء. فلما كان السبت الآخر وهو الثامن والعشرين من صفر جلس المأمون للناس وعليه الخضرة، ثم إنه أمر بخلعة سوداء فألبسها طاهرا، ثم ألبس بعده جماعة من الأمراء السواد، فلبس