فإن كانت نفسه أعز عليه من هذا الهدف، فلماذا ضحى بها؟
إن تضحيته بنفسه دليل في ذاتها على أن هذا الهدف كان أعز عليه من روحه. ولهذا فنحن إن لم نسع في سبيل تحقيق هذا الهدف وظللنا نعمل خلافه، فمهما بكينا على ذاته ولعنا قاتليه، فلا أمل في أن يثني الإمام الحسين علينا، ويستحسن فعلنا هذا يوم القيامة، كما أنه لا أمل في أن يقيم ربه لبكائنا وحزننا هذا وزنا، فعلينا الآن أن نرى أي هدف استشهد في سبيله الإمام الحسين؟ هل كان يرى نفسه أحق بالحكم فضحى بنفسه لأجله؟
إن من يعرف سيرة بيت الإمام الحسين وسمو أخلاقهم لا يمكن أن يظن حتى مجرد ظن أن هؤلاء كانوا يريقون دماء المسلمين من أجل الحصول على السلطة والحكم لأنفسهم. ولو سلمنا جدلا - ولو لقليل - برأي من يرون أن هذا البيت كان يدعي أحقيته بالحكم، فإن تاريخ خمسين عاما منذ عهد أبي بكر إلى عهد معاوية شاهد على أن القتال وإراقة الدماء للحصول على السلطة لم يكن أبدا سبيل أهل هذا البيت ولا خصلتهم.
ومن ثم فلا محالة من التسليم بأن الإمام كان يرى آثار تغير كبير في المجتمع المسلم آنذاك، وفي روح الدولة الإسلامية ومزاجها ونظامها، وأنه كان يعتبر ضرورة منع هذا التغير وإيقافه ولو اقتضى الأمر القتال ليست جائزة فحسب بل فرضا مفروضا... إلى آخر بحث المودودي.. وقد تضمن العناوين التالية:
تغير مزاج دستور الدولة وهدفه. نقطة الانحراف. بداية ملوكية البشر. تعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. المبادئ الأساس للدستور الإسلامي. الانتخاب الحر . نظام الشورى. حرية التعبير عن الرأي. المسؤولية أمام الله والناس. بيت المال... أمانة. سيادة القانون وحكومته. المساواة التامة في الحقوق والمراتب.