وختم المودودي مقالته بعنوان: (الإمام الحسين وسلوكه الإيماني)، فقال:
(كانت هذه هي التغيرات التي ظهرت بانقلاب الخلافة الإسلامية ملكا عضوضا. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن ولاية عهد يزيد كانت بداية هذه التغيرات. ومع أن هذه المفاسد لم تكن قد ظهرت بتمامها وكمالها حين اتخذت هذه الخطوة: ولاية عهد يزيد، إلا أن كل صاحب بصيرة كان بوسعه أن يعرف أن هذه المفاسد كلها نتائج حتمية لهذه الخطوة، وأنها ستقضي على جميع الإصلاحات التي أوجدها الإسلام وجاء بها في نظام السياسة والدولة.
لهذا لم يستطع الإمام الحسين على ذلك صبرا، وقرر أن يتحمل أسوأ النتائج التي قد تنتج من جراء الثورة على حكومة راسخة مستتبة، ويخاطر بمحاولة وقف هذا التبديل..
أما مصير هذه المحاولة، فالجميع يعرفونه، لكن الإمام بنزوله إلى هذا الخطر العظيم وتحمل نتائج هذه السلوك الرجولي المؤمن، أثبت أن الخصائص الأساس للدولة الإسلامية هي رأس مال الأمة الإسلامية، الذي إن ضحى المؤمن برقبته وأسرته وأهله وعياله في سبيل الحفاظ عليه، لا يكون قد عقد صفقة خاسرة. وأن المؤمن إذا ضحى بكل ما يملك في سبيل وقف التغيرات التي ذكرناها آنفا، وهي الآفة العظمى للدين والملة، فلا ينبغي له أن يأسف على ذلك قط! وليستحقر هذا من شاء، وليسمه عملا سياسيا، لكنه كان في عين الحسين بن علي عملا دينيا خالصا، ولهذا اعتبر التضحية بالروح من أجله شهادة، فاسترخص روحه وضحى بها في سبيله). انتهى.