ذلك أجابه بأن علمه عند الإمام.. ويكون قد انتقل إلى مرحلة التشكيك، وهو الوصول بالضحية إلى الإعتقاد بأن المراد بالفرائض والظواهر شيئا آخر غير معناها اللغوي أو الشرعي.. ينهون عليه ترك الفرائض وارتكاب الموبقات ويكون قد أصبح جاهزا لمرحلة الربط، والربط عندهم طلب المدعو إلى معرفة تأويل أركان الشريعة فيتأولونها به، فإن قبلها على الوجه الذي دفعوها إليه، وإلا بقي على الشك والحيرة فيها.
أما التدليس فهو قولهم للضحية الجاهل إن الظواهر عذاب وباطنها فيه الرحمة، ويستدلون بقوله تعالى: فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. الحديد - 13، وإن لكل عبادة أو أمر ظاهرا هو كالقشر وباطنه كاللب، واللب خير من القشر، فإذا سألهم عن تأويل باطن الباب.. طلبوا منه وأخذوا منه المواثيق والأيمان المغلظة كالطلاق والعتاق وتسبيل الأموال والبراءة من الله ورسوله.. إلى آخر هذه الأيمان والنذور.. بأن لا يحدث أحدا بما سيخبرونه إلا بإذن من الإمام صاحب الزمان، أو المأذون له في دعوته، وأن يستر أمرهم ويحمي جماعتهم.
فإن فعل المقرر به ذكروا له حقيقة دينهم واعتقادهم، فإن قبل الجاهل مذهبهم فقد انسلخ من الملة وخلع الإسلام من عنقه، وإن رفض الدخول في عقيدتهم لعدم تقبله لها واستهجانه بها لم يستطع أن يذيع سرهم ويدل عليهم، بل إنه يكتم أمرهم وقد يساعدهم، وذلك لما أخذوه منه من أيمان ومواثيق ونذر يظن لجهله أن لا فكاك منها ولا يمكن حلها.. وبذلك يضمن القرامطة عدم إفشاء سرهم حتى وإن لم يقبل المغرر به الدخول في مذهبهم ودينهم..