ضعفها وتسلط العسكر عليها من ناحية، وانتشر الشعوبيون في أرجائها، وعم الجهل في تعاليم الإسلام بين أبنائها، ولقد ركز القرامطة في دعوتهم على الأراضي الخصبة بنظرهم، كالموالي والعبيد الحاقدين على أسيادهم والأجراء والمزارعين الناقمين على أصحاب المهن والأراضي، لاعتقادهم بأنهم لا يعطونهم ما يستحقونه لقاء كدهم وتعبهم. ولكي يستقطبونهم ابتدعوا فكرة إشاعة المال وشيوعية الأراضي، وكذلك بثوا بين الشعوبيين الحاقدين على دولة الإسلام وعدهم بالقضاء على المسلمين وسلطانهم وإعادة الملك لهم سواء كانوا مجوسا أو هنودا أو يهودا ونصارى.. وبقي عندهم العنصر الرئيسي ألا وهو الشباب، الوقود الأساسي لكل تمرد وثورة.. ووجدوا أن خير أسلوب لجذبهم هو بث الفكر الإنحلالي وجذبهم بالشهوات.. فاستباحوا الزنا والخمر واللواط وسائر المحرمات، وجعلوا النساء مشاعا بينهم، وأباحوا نكاح الأقارب من أخوات وبنات وما شابه هذا، بالإضافة إلى التخطيط الدقيق والإرهاب والبطش.. كل ذلك جعل العنصر الشبابي ينجذب إليهم انجذاب الفراش للنار.. وقد اعتمدوا في نشر دعوتهم على مراحل وأقسام أسموها - كما ذكرها الإمام عبد القاهر الإسفرائيني - على النحو التالي: التفرس، والتأنيس، والتشكيك، والتلقين، والربط، والتدليس، والتأسيس، والمواثيق بالأيمان والعهود، وآخرها الخلع والسلخ.
فالتفرس: أن يعرف الداعي من يدعو وكيف يدعوه، مميزا من يطمع في إغوائه ممن لا يطمع فيه، وقد قالوا في وصاياهم لدعاتهم: لا تضعوا بذرتكم في أرض سبخة، ولا تتكلموا في بيت فيه سراج، يقصدون من عنده علم. ومن شروط الداعي عندهم أن يكون عالما بأنواع الناس وأصنافهم واختلاف