فيه. قال: فجئت فاستأذنت عليها، فلم تأذن لي، فدخلت بلا إذن، ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها، فقالت: تالله يا بن عباس ما رأيت مثلك، تدخل بيتنا بلا إذننا وتجلس على وسادتنا بغير أمرنا، فقلت: والله ما هو بيتك، وما بيتك إلا الذي أمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي، إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بلدك الذي خرجت منه. قالت: رحم الله أمير المؤمنين ذاك: عمر بن الخطاب قلت: نعم، وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قالت: أبيت أبيت قلت: ما كان إباؤك إلا فواق ناقة بكيئة، ثم صرت ما تحلين ولا تمرين، ولا تأمرين ولو تنهين. قال: فبكت حتى علا نشيجها، ثم قالت: نعم أرجع، فإن أبغض البلدان إلى بلد أنتم فيه. فقلت: أما والله ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أما، وجعلنا أباك لهم صديقا. قالت: أتمن علي برسول الله يا بن عباس؟ قلت: نعم نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننت به عليا.
قال ابن عباس: فأتيت عليا فأخبرته، فقبل بين عيني وقال: بأبي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
وذكر جماعة وقعة الجمل ونكث طلحة والزبير البيعة وخروج عائشة من بيتها إلى البصرة وقتل جماعة من المسلمين في تلك الوقعة إلى أن عقر الجمل وأصرت عائشة وأمر أمير المؤمنين عليه السلام محمد بن أبي بكر أن يصحب أخته عائشة إلى دار أعدت لاستقبالها.
ثم سرح علي عليه السلام عائشة وأرسل معها جماعة من النساء وأمر لها باثني عشر ألف من المال فارتحلت إلى المدينة. وسألت يومئذ أن يؤمن ابن أختها عبد الله بن الزبير فأمنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأمن مروان والوليد بن عقبة وولد عثمان وغيرهم من بني أمية وأمن الناس جميعا. وقتل في هذه المعركة طلحة والزبير اللذان أوقعا هذه الوقعة وخسرا من الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.