ابنا الأصيل، بل ابن أعرق بيوتها مجدا وزعامة بين العرب.
إن مفهوم مصلحة الأمة الإسلامية الجديدة قد حل عند التيار الذي يمثله الإمام علي، وابنه الحسين عليه السلام فيما بعد محل مفهوم النعرة القبلية، وما يكمن وراءها من حماية للمصالح، ودفاعا عن الامتيازات، وهو ما تكشف عنه النصوص يكل وضوح بالنسبة للتيار الآخر الذي تزعمه بنو أمية، وعلى رأسهم معاوية، وقد انضم إليهم كل من هددت مصالحه السياسية المالية التي اتبعها الإمام علي كرم الله وجهه، وبينهم عدد من الهاشميين أنفسهم، فالصراع إذن ليس بين بني عبد شمس وبني هاشم كما تقدمه النظرة الكلاسيكية لتاريخ مجتمع صدر الإسلام، بل بين تيار عمل جاهدا لتحويل مؤسسة الخلافة إلى ملك كسروي، وما يتبع الملك من سياسة اقتصادية ومالية وفئوية، فهو تيار أهل الدنيا واللهو.
وتيار رفع السلاح للمحافظة على أسس المفهوم الجديد في تاريخ النظم السياسية:
مفهوم الخلافة الإسلامية وقيمها، ورؤيتها الاقتصادية بصفة خاصة، وتمثل السياسة المالية الأس المتين لهذه الرؤية.
فلا غرو إذن أن تبغض قريش كلها الإمام علي رضي الله عنه أشد البغض، فلما انتشرت أخبار هذه السياسة المالية الجديدة تحرك ذوو المصالح الكبرى من زعماء قريش لمواجهتها، فكتب عمرو بن العاص من أيلة بأرض الشام، وقد أتاها حيث وثب الناس على عثمان، إلى معاوية قائلا: ما كنت صانعا فاصنع، إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها.
وقد قلقت طائفة من أصحاب علي عليه السلام من ظاهرة فرار عدد من زعماء العرب وأشرافهم من صفوفه، والتحاقهم بمعاوية لما كان يبذله من الأموال لأنصاره فمشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين، أعط هذه الأموال وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، واستمل من تخاف خلافه من الناس وفراره، وإنما قالوا له ذلك لما كان معاوية يصنع في المال، فقال لهم: أتأمرونني أن أطلب