نفسك ومن خاصة أهلك وممن لك فيه هوى، وليس شئ أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم.
ويقول عن الشورى: ولا تدخلن في مشورتك من يعدل بك عن الفضل ويعد الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزين لك الشر بالجوار، فإن البخل والجبن غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله، والصق بأهل الورع والصدق ثم رضهم على أن لا يطروك، ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة.
وأما الثاني ففيه قوله: وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية. فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤنة في الرخاء، وأقل معونة في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكرا عند الإعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأخف صبرا عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة. وإنما عماد الدين وجماع المسلمين، والعدة للأعداء، العامة من الأمة.
فليكن صغوك لهم وميلك معهم.
بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين، إن رسول الله يقول: اطلعت في الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء، وأنت في طليعة أهل الجنة تحب أكثر أهلها عددا في الحياة الدنيا، ومن أجل ذلك تكرم العامة، وهم كثرة الأمة، وتؤثر منها الفقراء.
ولقد كنت دائما قدوة، وأردت الخاصة على أن تكون قدوة، وحذرتها من مطامعها ومزالقها، ولو حذرت للزمت الجادة، وصلح أمر هذه الأمة.
إن من يضع دستور في العصر الحديث خليق بأن يرتوي من عهدك، ويروي الأمة من ينابيعك، في تطبيق الشريعة، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، وأمانة الولاة ونزاهة الإدارة، واحترام العامة، وإلزام الخاصة أن تكون قدوة في الأمة.
يقول ابن المقفع في شأن الخاصة بعد مائة عام، في كتابه لأبي جعفر: وقد علمنا علما لا يخالطه الشك أن عامة قط لم تصلح من قبل نفسها، ولم يأتها الصلاح إلا من