أحب وأراد، أو أن يهبها لأحد من رجاله كما كان يفعل القادة المنتصرون في ذلك الزمان، ولكن خلقه الكريم أبى عليه ذلك وأنها لصفة فيه نبيلة انفرد بها كما انفرد بمولده وإسلامه اكتسبها من صفات ابن عمه العظيم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن حكم الإسلام الذي أعطى المرأة حقها في الحياة أعطاها.
ومنهم الفاضل المعاصر خالد عبد الرحمن العك المدرس في إدارة الإفتاء العام بدمشق في " مختصر حياة الصحابة " للعلامة محمد يوسف الكاندهلوي (ص 56 ط دار الإيمان - دمشق وبيروت) قال:
وأخرج الترمذي والحاكم عن الشعبي قال: خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا، فعرف علي رضي الله عنه الدرع، فقال: هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين، وكان قاضي المسلمين شريحا، كان علي استقضاه فلما رأى شريح أمير المؤمنين قام من مجلس قضائه وأجلس عليا في مجلسه وجلس شريح قدامه إلى جنب النصراني. فقال علي: أما يا شريح لو كان خصمي مسلما لقعدت معه، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصافحوهم، ولا تبدؤوهم بالسلام، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا عليهم، وألجئوهم إلى مضايق الطريق، وصغروهم كما صغرهم الله، اقض بيني وبينه يا شريح. فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟ فقال النصراني: ما أكذب أمير المؤمنين!
الدرع درعي. فقال شريح: ما أرى أن تخرج من يده فهل من بينة؟ فقال علي: صدق شريح. فقال النصراني: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، وأمير المؤمنين يجيئ إلى قاضيه وقاضيه يقضي عليه، هي والله يا أمير المؤمنين درعك، اتبعتك وقد زالت عن جملك الأورق، فأخذتها، فأنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
فقال علي: أما إذا أسلمت فهي لك، وحمله على فرس.