الكافرين).
في هذه الأيام الأولى وضح منهاجه الدستوري: المساواة في الحقوق والعدل بين الناس. ومنهاجه الاقتصادي: المساواة في العطاء بين فئات الشعب. ومنهاجه الاجتماعي: ليس في الإسلام شريف ومشروف، ولا أحمر وأسود، ولا عربي وأعجمي، وإنما أكرم الناس أتقاهم.
وكان عدله مع الذين حاربوه أو كفروه أو قتلوه دروسا في الفقه:
روى الغزالي في المستصفى أن قضاته استشاروه في شهادة الخوارج بالبصرة فأمر بقبولها كما كانت تقبل قبل خروجهم عليه، لأنهم إنما حاربوا على تأويل، وفي رد شهادتهم تعصب وإثارة خلاف، حتى قاتله عبد الرحمن بن ملجم نهى عن المثلة به.
وبالمساواة التي هي خصيصة الإسلام الأولى، بعد التوحيد، أهرع أبناء البلاد المفتوحة من غير العرب إلى اعتناق الإسلام، ثم اختار كثير منهم الانضمام تحت لواء الشيعة.
ولما سادت الدعوة لأهل البيت في خراسان أقبلت جيوشها تقيم دولة الدين على أنقاض بني أمية وبني مروان، وكانت تولية الرضا من أهل البيت والتسوية بين الموالي والعرب، شعار الدولة التي أقامها أبو مسلم الخراساني والتي سرقها بنو العباس من بني علي، كما أوضحنا قبل.
ولقد وهم الذين نسبوا أسباب التشيع في خراسان إلى ما زعموه من تشابه تتابع الخلافة النبوية والدينية في بيت الرسول، وتوارث الملك عند الفرس في الدولة الكسروية، وحكم كسرى بالحق الآلهي.
فلقد ترك الفرس دين كسرى بتمامه إلى الإسلام وقواعده.
إنما كانت تفرقة الولاة والحكام بين العجم وبين العرب سببا لتصبح المساواة صيحة التجمع منهم على أمير المؤمنين علي وبنيه. وكان أهل البيت مضطهدين.