وأما الكتاب ففيهم قوله: ثم انظر في حال كتابك، فول على أمورك خيرهم أو أخصص رسائلك التي تدخل فيها مكائدك وأسرارك، بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق، ممن لا تبطره الكرامة فيجترئ بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ، ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك واستقامتك وحسن الظن منك ولكن اختبرهم بما ولوا للصاحين قبلك فاعمد لأحسنهم في العامة أثرا.
ثم يقول عن الضعفة: وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه، واجعل لذوي الحاجات منك مجلسا عاما، فلا تكونن منفرا ولا مضيعا، فإن في الناس من به العلة وله الحاجة، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله حين وجهني إلى اليمن: كيف أصلي بهم؟ فقال: صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما.
الشورى والعناية بالعامة:
في بداية العهد إلى الأشتر أمران: الأول خاص بالأشتر، والثاني خاص بالعامة والخاصة.
والأمران عصريان في كل عصر، ومطلوبان في كل مكان، ومن كل الحكام: أما بالأول: ففيه قوله له إن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك. ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم. وإنما يستدل على الصالحين بما يجري بهم على ألسنة عباده، فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك، وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاربا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل، ويؤتي على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله.
وقوله: وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك. فإن الله يذل كل جبار ويهين كل مختار. أنصف الله وأنصف الناس من