فقال:
وقبر بطوس يا لها من مصيبة * ألحت على الأحشاء بالزفرات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات قال دعبل: ثم قرأت باقي القصيدة عنده، فلما انتهيت إلى قولي:
خروج إمام لا محالة واقع * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا بكاء شديدا، ثم قال: يا دعبل نطق روح القدس بلسانك، أتعرف من هذا الإمام؟ قلت: لا إلا أني سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطا وعدل. فقال: إن الإمام بعدي ابني محمد، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم وهو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وأما متى يقوم فأخبار عن الوقت، لقد حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة.
وفي المناقب عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبوه بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر الصادق رضي الله عنه، فرأيناه جالسا على التراب وهو يبكي بكاء شديدا ويقول: سيدي غيبتك نفت رقادي وسلبت مني راحة فؤادي. قال سدير: تصدعت قلوبنا جزعا فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك. فزفر زفرة انتفخ منها جوفه فقال: نظرت في كتاب الجفر الجامع صبيحة هذا اليوم - وهو الكتاب المشتمل على علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة وهو الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده صلوات الله عليه وعليهم - وتأملت فيه مولد قائمنا المهدي وطول غيبته وطول عمره وبلوى المؤمنين في زمان غيبته وتولد الشكوك في قلوبهم من ابطاء ظهوره وخلعهم