المصطفى (صلى الله عليه وآله) وتم نزول الدستور الإلهي العظيم الذي تضمن تبيان كل شئ مما يحتاجه الناس في أمور معاشهم ومعادهم.
وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) من حوله أنه يوشك أن يدعى فيجيب، وأخذ يتأهب للرحيل إلى الرفيق الأعلى، والإسلام بعد غض العود، والناس حديثو عهد به، ولما يستقر الإيمان في قلوبهم.
فيا ترى هل يترك النبي (صلى الله عليه وآله) هذا التراث الضخم بما تضمن من تعاليم إلى الناس؟ أم تراه يعين لهم خلفا من بعده يحمي الرسالة كما حماها هو (صلى الله عليه وآله)؟ أتراه وهو الذي لم يترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا وقد بينه يترك أخطر أمر يتوقف عليه مصير الرسالة التي جاء بها والجهود المضنية التي بذلها؟ هل بلغ الناس في عهده (صلى الله عليه وآله) من الفهم حدا أدركوا فيه جميع أبعاد الرسالة وما تضمنت من تعاليم؟ هل بلغت عقولهم حدا فهموا فيه ظاهر القرآن فضلا عن باطنه؟
مع علمه (صلى الله عليه وآله) أن فيهم من أسلم كرها، وفيهم من استسلم خوفا، وفيهم من أعلن إسلامه طمعا، وفيهم من لم يلامس الايمان قلبه، بل فيهم المنافق والمتربص، أتراه يدع هذا الأمر الخطير للأمة لتختار لها من توليه عليها من دون أن يكون له (صلى الله عليه وآله) في الأمر شأن؟
لذلك ولغيره قالت الشيعة الإمامية بضرورة نصب الإمام وتعيينه من قبل الله تعالى على يد النبي (صلى الله عليه وآله) ويكون امتدادا لبقاء الرسالة وصيانتها، لا أن الإمام نبي آخر، فإن نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) هي خاتمة الرسالات، وقد قال (صلى الله عليه وآله): لا نبي بعدي. بل لأن هذه الرسالة التي جاء بها النبي (صلى الله عليه وآله) تحتاج في بقائها واستمرارها إلى راع يحيطها بعنايته.
فإن أي قانون أو شريعة، سماوية كانت أو أرضية، إذا أريد لها البقاء والخلود، فلا بد من إقامة راع يحفظها عن التبديل والتغيير، ويتولى مهمة بيانها وايصالها إلى