وكان من عناية الله تعالى برسوله أن هيأ له من يحميه من كيد المتربصين.
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا فقاما فهذا بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب قد لاقى الحماما وكان من ورائهما السيدة الجليلة خديجة (عليها السلام) التي بذلت جميع ما تملك - وكانت ذات ثراء - في سبيل دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) وتسيير حركة الإسلام.
وأما أبو طالب (1) فقد كان السند لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو القائل يخاطب ابن أخيه:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا حتى إذا رحل أبو طالب وخديجة (عليهما السلام) عن الدنيا، انبرى علي (عليه السلام) لحماية الرسول (صلى الله عليه وآله) والدفاع عنه.
وقد شاء الله تعالى لحبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله) أن ينتقل عن مكة ويستقر في المدينة، وإذا به (صلى الله عليه وآله) يواجه الدنيا بأسرها، فالمشركون جادون في نقض ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) واليهود يتربصون به الدوائر، والمنافقون يسعون في الخراب، ولا يكاد يفرغ النبي (صلى الله عليه وآله) من حرب حتى يتهيأ لأخرى.
وإلى جانب ذلك كله كان النبي (صلى الله عليه وآله) يقوم بأداء مهمته في تعليم الناس وهدايتهم، ويتلقى الوحي ويبلغ رسالة ربه. وإنك لتدهش أمام هذه العظمة المحمدية من القلب الكبير، والصدر الرحيب، والخلق الكريم في تلك الظروف العصبية حيث يقوم بذلك كله، حتى أكمل الله دينه لعباده، وأتم نعمته عليهم على يدي الحبيب