الناس مصونة عن الانحراف، ولولا ذلك لتبدلت هذه الشريعة وتغيرت، ووقع الاختلاف في تفسيرها وبيانها.
ولما كان دين الإسلام هو خاتم الأديان، فلا نبي بعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ولا شريعة بعد شريعته، اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون لهذا الدين بما يتضمن من تعاليم وأحكام وأسرار، رعاة وحماة يردون عنه الشبه، ويصونونه عن التحريف، وهذا ما ابتنت عليه عقيدة الشيعة الإمامية من ضرورة الإمامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وأنها من قبل الله تعالى، وبتعيين من النبي، ولا مجال للناس في الاختيار، وإلا لزم من ذلك كثير من المفاسد، إذ ليس من المعقول أن يجازف النبي (صلى الله عليه وآله) بدعوته - وهو سيد عقلاء بني البشر وأكمل الناس عقلا وبعد نظر - ويوكل مهامها إلى الناس، وهل هذا إلا تناقض ونقض للغرض؟ ولا يليق بانسان عادي فكيف بسيد العقلاء؟!.
وإذا تبين هذا الأمر، فهنا نتسائل من هو ذلك الشخص اللائق لتولي هذا المقام؟
ومع غض النظر عن كل النصوص القرآنية، أو الواردة على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا المجال، فلو وقفنا على سيرة جميع من عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله) وصاحبه ودرسنا مؤهلاتهم وما تمتعوا به من ملكات شخصية، فهل نجد من هو أليق بهذا المقام غير علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟
أليس هو الشخص الوحيد الذي عاصر الرسالة منذ بزوغ فجرها، وإلى اللحظة التي رحل فيها النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الرفيق الأعلى وقد علم من أسرارها وأحكامها ما يؤهله لذلك؟
أليس هو ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو القائل يخاطب المسلمين: " وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره، ويكنفني إلى فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل، ولقد