وأيضا ليس النص دالا على إمامة أبي بكر، كما ظهر واعترف به من له تميز منهم، فإمامته إنما تثبت بالإجماع، وقبل حصول الاجماع أي أمر يجوز الأمر بالبيعة والتشدد فيه؟ هل يجوز التشدد باحتمال حصول الأمر من له أدنى تميز؟ ألم يحصل لأهل البصيرة من أمثال هذه الأفعال الشنيعة التي ظهرت من الأخبار التي نقلوها في صحاحهم أيضا العلم بعدم خلو أمرهم من أحد الشيئين: إما عدم اعتقادهم برسول الله (صلى الله عليه وآله) أو عدم مبالاتهم بمخالفته لاختيارهم الدنيا من الآخرة، مثل اختيار ابن سعد الري وتركه الآخرة.
قوله " إرادة الخلاف " إشارة إلى توجيه الاحراق، بأن هذا الاجتماع لم يكن لاعتقاد عدم انعقاد الإمامة، بل لمحض إرادة الخلاف، ولا معنى لتجويز هذا عن بعض المتخلفين مع القول بصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن جوز في بعض، وهذا ظاهر لمن رضي بعدم تبعية الكبراء والأهواء، وبالجملة قباحة الكشف عن بيت فاطمة (عليها السلام) وإرادة إحراق بيتها وإيذائها، خارجة عن الأمور التي يحتمل التوجيه.
وعبد الحميد بن أبي الحديد نقل كلام صاحب المغني والسيد المرتضى (رحمه الله) في منع كشف بيت فاطمة (عليها السلام) وإثباته، ثم قال: والظاهر عندي صحة ما يرويه المرتضى والشيعة، ولكن لا كل ما يزعمونه بل كان بعض ذلك، وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسف على ذلك، وهذا يدل على قوة دينه وخوفه من الله تعالى، فهو بأن يكون منقبة له أولى من أن يكون طعنا عليه (1) انتهى.
والمشار إليه بلفظ " هذا " هو قول أبي بكر في مرضه: ليتني كنت تركت بيت فاطمة ولم أكشفه.
أقول: وجه كونه طعنا اعترافه بخطأ الكشف وإظهار ندامته عما صدر منه، فلا