خصوص الصورة المذكورة في السؤال أو أمرا له بالأمرين في وقتين بأن يقرأ قراءة متوسطة مرة ويرفع صوته أخرى أو يكون رفع الصوت هنا بما لا يخرج عن حد التوسط بأن لا يبلغ العلو المفرط المنهي عنه بل يكون من جملة المراتب المتوسطة فيستقيم معنى الجمع الذي يدل عليه الواو وقد ورد استعمال الترجيع في رفع الصوت وفهم منه هذا المعنى بعض العلماء العارفين بالعربية كما يأتي إن شاء الله.
الثالث: أن يكون المراد بالترجيع في الحديث مجرد مد الصوت كما مر تقريره والفرق بين هذا وما قبله إذ لا ملازمة بينهما وقد استعمل لفظ الترجيع في معنى مد الصوت ورفعه كما ذكره صاحب كتاب قصص الأنبياء بعد ذكر أحاديث في قصة الأذان ما هذا لفظه قال أبو محمد سمعت الخليل بن أحمد يقول الترجيع في هذا الخبر هو الذي في الخبر الثاني حيث قال: ارجع فامدد من صوتك وهو أنه كان لا يرفع صوته فيه ويحتمل أن يكون إنما أمره بالرجوع ليكرره فيحفظه كما يعلم الملتقي للقرآن الآية فيكررها عليه ليحفظها (انتهى).
وناقل هذا التفسير والمنقول عنه كلاهما من أهل اللسان والفصاحة والمعرفة باللغة العربية على أن هذا وما قبله إذا لم يثبت كونهما معنيين حقيقين كانا من قسم المجاز وبابه واسع وهو غير موقوف على نقل وإن حصل به تأييد وتأكيد.
الرابع: أن يكون قوله: ورجع بالقرآن صوتك استعارة تبعية ويكون المراد مجرد تحسين الصوت كما أن الترجيع يحصل منه التحسين كأنه قال وحسن بالقرآن صوتك تحسينا يشبه الترجيع وقوله: يرجع به ترجيعا أي يحسن به أي بالقرآن تحسينا كالترجيع على اعتبار مغايرة المشبه للمشبه به فيهما ولا ينافيه وصف الصوت بالحسن قبل ذكر الترجيع ثانيا لأن الحسن يحتمل التحسين فيزيد معروضه حسنا والضمير في به راجع إلى القرآن كما قلنا على هذا الوجه وما قبله لا إلى الصوت وإن أمكن على وجه، وحمل هذا اللفظ على الاستعارة المذكورة متجه كما ذكرنا وقرينتها امتناع حمله على ظاهره شرعا كما هو معلوم من مذهبهم فنزل الامتناع