أمير المؤمنين عليه السلام بينه تبيينا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم آخر السورة (1) فهذا الحديث شاهد لصحة التأويل مع صحته بحسب العربية وقواعد البيان.
التاسع: أن يكون استعارة تبعية أيضا لكن بمعنى جعل الصوت بحيث يؤثر في القلب من حيث إن الترجيع يستلزم ذلك غالبا كما مر تقريره والحديث السابق شاهد له أيضا ولا ريب أنه يجب حمل الترجيع على بعض المعاني المأمور بها ولا يجوز حمله على المعنى المنهي عنها.
العاشر: أن يكون مخصوصا بالترجيع الذي لا يصل إلى حد الغناء أعني ما ليس بمطرب فلا يصدق عليه الغناء ولا ينافي ما ورد في تحريمه وهذا وإن كان قريبا لكن جماعة من الفقهاء عرفوا الغناء بأنه مد الصوت المشتمل على الترجيع وإن لم يطرب وذكر بعضهم أن التلازم حاصل بين الترجيع والطرب وفيه نظر لكنه يوافق للاحتياط والحاصل أنه مع اجتماع الترجيع والطرب يتحقق الغناء إجماعا.
الحادي عشر: أن يكون المراد بالترجيع في الصوت ترديده من مخرج حرف إلى مخرج حرف آخر أي إخراج الحروف من مخارجها كما ينبغي من غير أن يكون النطق بواحد مشابها للنطق بآخره ويكون حاصل الترجيع بيان الحروف في النطق بيانا تاما فإنه يستلزم اللطف في رجوع الصوت من كيفيته إلى أخرى ومن مخرج حرف إلى آخر ولا يلزم تحقق الغناء ولا الترجيع المبحوث عنه وهذا قريب عند التحقق من الوجه الثامن وبينهما فرق ما.
الثاني عشر: أن يكون المراد بالترجيع الصوت بالقرآن رده باشتغاله بالقرآن عن الشعر ونحوه من أقسام الغناء فيكون أمرا بالاشتغال عن غيره والرجوع عن غيره إليه لأن صاحب الصوت الحسن يستعمله غالبا في الغناء فأمره بالرجوع عنه إلى قراءة القرآن لا على وجه الغناء، فيرجع إلى معنى الرجوع وكذا قوله يرجع