به ترجيعا ويكون الضمير للقرآن أي أن الله يحب الصوت الحسن الذي يرده صاحبه عن المحرمات فيرجع عنها إلى الاشتغال بالعبادات كقراءة القرآن على الوجه المباح، فهذا ما خطر بالبال في حل هذا الإشكال وإن نوزع في بعض هذه الوجوه بأنه بعيد فإن أكثرها قريب سديد وإن سلم منها محمل واحد صحيح كان كافيا وباب المجاز واسع وقرينته قد تكون عقلية وقد تكون لفظية وقد تكون حالية ولعلهم عليهم السلام مع استعمال بعض الألفاظ في معانيها المجازية كانوا ينصبون للسامع قرينة يفهم من الصرف عن الحقيقة وإن لم تصل إلينا أو يعتمدون على قرب المعنى المقصود من فهمه ولو من سماع حديث آخر أو موافقته للغالب من عرفه أو علمه بمذهب الأئمة عليهم السلام فيه أو بسبب روايتهم لكثير من الأحاديث بالمعنى سقطت بعض الألفاظ التي كانت قراين المجاز أو غير ذلك والله أعلم.
فصل وقد روي في حديث: تغنوا بالقرآن فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا (1).
أقول: وهذا لا حجة فيه بل هو ضعيف لاجتماع جميع الوجوه السالفة في تضعيف حديث الترجيع لأن أصله من أحاديث العامة كل من نقله منهم أو من الخاصة أوله فلم يحمله أحد على ظاهره فذلك إجماع منهم على صرفه عن ظاهره لمخالفة المعهود المقرر من النهي عن الغناء بالقرآن وغيره ولأنه يدل بظاهره على وجوب الغناء فيه وقد أولوه بتزيين الصوت وتحسينه بحيث لا يصدق عليه الغناء كما مر وتارة بحمل التغني على معنى الاستغناء، فمعنى تغنوا بالقرآن استغنوا به كما ورد في حديث آخر من قر القرآن فهو غني ولا غنى بعده (2) وغير ذلك والله أعلم.