أنه ليس فيه وجه من وجوه القبح، فلأن وجوه القبح مضبوطة، وليس فيه شئ منها، وأما أن كل ما كان كذلك كان واجبا في الحكمة، فلأن داعي الحكمة متعلق به، والصوارف منتفية عنها، وكل ما تعلق به الداعي، وانتفى الصارف عنه، فإنه يجب أن يفعل.
الوجه الثاني: لو لم يفعل البارئ سبحانه وتعالى اللطف على هذا التقدير، لكان ناقضا لغرضه، ونقض الغرض قبيح. بيان أنه يكون ناقضا لغرضه، أن من دعا غيره إلى طعام له وعلم أنه يحضر إن أرسل رسولا إليه لا غضاضة عليه في إرساله، ولم يرسل رسوله، فإنه يكون غير مريد لحضوره، والعلم بذلك ظاهر.
الوجه الثالث: لو لم يجب فعل اللطف، لكان البارئ مخلا بما يجب عليه في الحكمة، إذ لا فرق بين منع اللطف وعدم التمكين. (114) احتج المخالف بأنه لو وجب اللطف لوجب أن يفعل بالكافر.
والجواب لا نسلم أن للكافر لطفا. (115) وتحقيق ذلك، أن اللطف هو ما يعلم المكلف أن المكلف يطيع عنده، أو يكون أقرب إلى الطاعة، مع تمكنه في الحالين، والكافر قد لا يكون له لطف يحركه إلى فعل الطاعة. ويجري هذا